إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 2 مارس 2008

محمد بهجاجي: " قراءات: عبد الرحمن بوعلي: في نقد المناهج المعاصرة"

قراءات: عبد الرحمن بوعلي: في نقد المناهج المعاصرة
محمد بهجاجي


صدر للشاعر والباحث عبد الرحمن بوعلي كتاب جديد بعنوان "في نقد المناهج المعاصرة: 1- البنيوية التكوينية"، يسعى إلى إغناء المعرفة النقدية المتداولة في بلادنا، انطلاقا من تقديم منهجي للبنيوية التكوينية باعتبارها واحدة من أبرز الطرائق النقدية السوسيولوجية كما مارسها كل من لوكاش، غولدمان، جاك لينهارد، بيير زيما، وميشيل زيرافا.
ضمن هذا السياق يعود بوعلي إلى اللحظات الأولى التي تشكلت فيها علاقات الأدب بالوسط الاجتماعي، وإلى الروافد الثلاثة التي يرى أنها "ساهمت بقسط كبير في نشأة النقد السوسيولوجي"، وهي:
- المادية التاريخية، وعلماء الاجتماع الألمان، ومدرسة فرانكفورت السوسيولوجية.
بعد ذلك يقدم المؤلف فكرة عن السوسيولوجيا التجريبية ويمثلها بشكل أساسي روبير إسكاربيت، ثم يبلور بشكل موسع القضايا الأربع التي تحاول البنيوية التكوينية الإجابة عنها:
1- قضية البنية الدالة المتماسكة.
2- إدراج البنية في إطار أيديولوجي.
3- فهم الأيديولوجيا والطبقة أو الفئة الاجتماعية داخل المجتمع.
4- البحث عن وظيفة الطبقة أو الفئة الاجتماعية داخل المجتمع.
يستعرض الكاتب المفاهيم المركزية في المنهج اعتمادا على مفهوم البنية الدلالية، مفهوم الرؤية للعالم، إضافة إلى مفهومي الفهم والتفسير، ومفهوم التماثل، مع إشارة المؤلف إلى أن هناك مفاهيم أخرى لا يعني عدم ذكرها "أن لا فائدة ترجى من ورائها".
في جانب آخر من الكتاب يستحضر بوعلي أشكال حضور المنهج السوسيولوجي في الكتابات النقدية العربية انطلاقا من خمسة كتب-نماذج، ويعلق-بإيجاز- على طبيعة هذا الحضور وعلى ما اعتبره جوانب نقص أو خلط أو تعثر في "المشروع" البنيوي التكويني العربي، من ذلك ما لاحظه بخصوص كتاب "التحليل الاجتماعي للأدب" للسيد ياسين الذي يرى المؤلف أنه لم يدرك الإطار النظري والتاريخي للسوسيولوجيا، فخلط بين "منهج التحليل السوسيولوجي والمنهج الجديد لرولان بارت"، كما خلط "بين المنهجين الرئيسيين في التحليل السوسيولوجي: المنهج السوسيولوجي التجريبي... والمنهج السوسيولوجي الجدلي.." كما لاحظ المؤلف أن كتاب "سوسيولوجيا النقد العربي الحديث" لغالي شكري هو "عبارة عن تاريخ وتأملات في النقد العربي الحديث"، ومن ثم، يبدو هذا الكتاب في رأيه "بعيدا كل البعد عن أي منهج سوسيولوجي".
أما بخصوص النماذج المغربية: كتاب "الرواية والأيديولوجا في المغرب العربي" 1981 لسعيد علوش، وكتاب "ظاهرة الشعر المعاصر بالمغرب:مقاربة بنيوية تكوينية 1979" لمحمد بنيس، وكتاب "الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي 1985 لحيد الحمداني، وهذه المؤلفات كلها أعدت أصلا لنيل دبلوم الدراسات العليا، فيرى فيها المؤلف دراسات قيمة أثرت البحث الجامعي المغربي وأشرعت لخطابنا النقدي آفاق متجددة، لكنه يلاحظ أن تطبيقات المنهج في بعض هذه الكتب قد شابتها آثار نقص، إما بسبب عدم الاستيعاب العام للمفاهيم أو سوء تدبير للإطار الكامل للبنيوية التكوينية أو أحيانا بسبب ضعف الترجمة.
يسعى هذا الكتاب الجديد للباحث عبد الرحمن بوعلي إلى إعادة النظر في جزء من الخطاب النقدي العربي، وهو كما يفهم من العنوان، خطوة أولى باتجاه تتبع أشكال حضور المناهج الأخرى في هذا الخطاب. وقد اعتمدت الفكرة على منحى بيداغوجي واضح من أجل تقريب الأفكار بالصيغة التي تضمن تداولها على نحو واسع.

محمد بهجاجي
جريدة الاتحاد الاشتراكي

ليست هناك تعليقات: